الأحد، 6 أبريل 2008

العلمانية اين قامت ومبررات وجودها ؟




بسم الله والصلاة والسلام علي رسول الله




قال رسول الله صلي الله علية وسلم (لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشبرا وذراعا بذراع حتي اذا رؤيتموهم دخلوا جحر ضب دخلتم ورائهم قالوا :اليهود والنصاري يارسول الله قال:فمن غيرهم؟!)




تعرفنا في البوست السابق عن معني العلمانية ومصطلحاتها اللغوية ,وفي هذا البوست لابد لنا ان نعرف اين قامت العلمانية وفي اي مجتمع قامت ومبررات وجودها في هذا المجتمع




ظهرت العلمانية في الغرب المسيحي في اوربا ,ودعا اليها المفكرون الاحرار هناك ليتحرروا من سلطة الكنيسة الغربية وكهنوتها ورجالها وباباواتها




لماذا ارادوا التحرر؟



المبرر الاول




لان الكنيسة في العصور الوسطي او ماعرف بعصور الظلام في اوربا قد وقفت مع الخرافات ضد العقل ,ومع الجهالات الشائعة ضد العلم ,ومع القديم ضد الحديث ,ومع الجمود ضد التحرر ,ومع الثبات ضد التطور ومع الملوك ضد الشعوب ومع الاقطاعيين ضد الفلاحيين والمستضعفين




ولايمكن بحال من الاحوال ان ينسي التاريخ ماارتكبته الكنيسة من مجازر وحشية في حق العلماء المبدعيين,والمفكرين الاحرار ,اولئك الذين انتهوا في بحوثهم العلمية الي نتائج تخالف ماتواضع عليه رجال الكنيسة في الفيزياء والكيمياء وغيرهم من العلوم ,مما كان سائدا عن اليونانيين من قبل وتبنته الكنيسة واضافت عليه لونا من القداسة بحيث اصبح جزءا من الدين لايجوز لاحد مجرد التفكير في مخالفته او الخروج علي مسلماته.






يعني اللي يخالف الكنيسة وتعاليمها سواء علم ولا غيره يبقى يموت ونصيبه كان في المجزرة والتاريخ شاهد




علي حين كان المسلمون في ذلك الوقت تحديدا يتحدثون في كتبهم الدينية عن (كروية الارض) ببساطة ويسر ,كما راينا ابن حزم الاندلسي في كتابة (الفصل في الملل والنحل) يقيم الادلة العلمية علي كروية الارض ,وكذلك غيره من علماء المسلمين ...نجد الكنيسة تحاكم من يقول ذلك ,وتعتبر هذا القول كفرا وهرطقة ومروقا من الدين.




وياليتهم اعتبروا مروقا وكفرا وتركوه بل اقامت الكنيسة ماعرف في التاريخ(بمحاكم التفتيش) ومحاكم التفتيش هذه يااخواني بحق من ابشع انظمة التعذيب والقتل في تاريخ البشر بل ولعلها فاقت انظمة التعذيب في الاتحاد السوفيتي والنازية الالمانية ,لم يقيموها فقط ضد من يخالفهم في المذهب كالبروتوستانت مثلا ولكن ضد العلماء والمفكرين ايضا فقد ارتكبت بحق مآثم واهوال يشيب لها الولدان ,بل تخيلوا وصلوا الي درجه من الوحشية والهمجية الي حد محاكمة جثث العلماء بعد موتهم والحكم عليها بالاحراق




من قرأ هذا وعرف انظمة الحياة والحكم في اوربا في عصور الظلام اعطي الحق لعلمائهم ومفكريهم والتمس لهم العذر في فعل ذلك والمطالبة بفصل الدين عن الدولة بل والحياة عامة لانه يعني فصل ارهاب ووحشية الكنيسة التي كانت بحق سوط عذاب للناس والعلماء




لقد كانت الكنيسة تمثل الارهاب الديني والارهاب الفكري ,والارهاب السياسي ,لكل من يخطر في باله فكرة تخالف او لاتوافق عليها الكنيسة او لاتتماشي مع ثقافتها التي جعلتها دينا وماهي من الدين في شيء




لذا فكان من الخير لاهل اوربا بل وللبشر بشكل عام ان يتخلصوا من ظلم الكنيسة وجبروتها ,وان يخلعوا انيابها ,وذلك بتجريدها من السيطرة والهيمنة علي عقول الناس وضمائرهم وطموحاتهم باسم الدين




لهذا كانت الصيحات الشهيرة للجماهير في الثورات الشعبية التي اشتعلت في اوربا اشنقوا اخر ملك بأمعاء اخر قسيس




وهذا هو المبرر الاول لوجود وظهور النزعة العلمانية في الغرب




المبرر الثاني هو




التأثر الشديد جدا من قبل الغرب بالفلسفات المختلفة خاصة فلسفة (ارسطو) اشهر واعظم فيلسوف في العصور القديمة ,واكثرهم تأثيرا علي المدارس العقلية في العصور الوسطي في الغرب ,وحتي في بلاد المسلمين




وكانت فلسفة ارسطو- وهو من الفلاسفة الذين يقرون بالالوهية ووجود خالق لهذا الكون ,ولكنه كان يري ان الله او العلة الاولي او المحرك الاول :لايدبر في هذا العالم امرا ,ولايعلم فيه شيئا ولا مايلج في الارض ولامايخرج منها ولاماينزل من السماء او يعرج فيها,فهو غائب عن هذا العالم ومافيه من احداث ونوازل ولايحيى ولايميت ولايخلق ولايرزق ولاينفع ولايضر ولايعز ولايذل ,فهو اله عظيم في ذاته ,ولكن لاتأثير لهذه العظمة في شيء من الكون




ولهذا قال مؤرخ الفلسفة والحضارة (وول ديورانت) في كتابه مباهج الفلسفة - يالاله ارسطو من اله مسكين !انه اشبه بملك الانجليز ,يملك ولايحكم!



بمعنى ان الله موجود بس لا يحكم ولا يتصرف في ما ملكه تعالى الله عما يصففون




لذا لم يكن غريب علي العقلية الغربية ومفكرين وفلاسفة الغرب ان تعزل الله تعالي عن حكم خلقه اذ ليس من حقه ان يأمرهم وينهاهم (معاذ الله الملك الحق المعز المذل) او يحلل لهم اويحرم عليهم او يشرع لهم شئون حياتهم وعلاقاتهم ,فهم آلهة انفسهم ,وهذا ايضا من عجائب التناقض في العقلية الغربية في وقتها والي الان ,فهم امنوا ايمان لاشك فيها ان الانسان حيوان متطور! والانسان في الوقت ذاته اله!لايخضع لسلطان الرب الاعلي والخالق الاعظم سبحانه وتعالي عما يصفون




اما المبرر الثالث والذي يفرض نفسه بقوة هو منطق العقيدة المسيحية نفسها والتي يدين بها الغرب عموما,وان كان هناك افراد لايدينون بأي دين ولكن هذا من المبررات ايضا




وهذا المبرر هو ماجاء في نصوص العقيدة المسيحية نفسها من قبول شطر الانسان شطرين وقسمة الحياة قسمين!




نصف للدين يوجهه ويشرع له ونصف للدولة توجهه وتشرع له او بعبارة الانجيل ذاته :دع مالقيصر لقيصر ومالله لله!




اي نصف لله ونصف لقيصر وكل منهما يتصرف في نصفه تعالي الله عما يشركون




ومن مفهوم هذه الشراكه التي يدعونها ,ان الجانب الذي يخص الدنيا والحياة والمجتمع والسلطان والدولة فستكون طبعا في يد قيصر ,اما في معتقدهم ان الجانب الذي سيكون لله هو الدين وشؤون الروح !




وهذا هو منطق العلمانية بذاته"هو ان ندع شؤون الدين والروح لله وفهمه الغرب علي اساس ان الكنيسة التي تمثل سلطان الله في الارض ,تدبره بمعرفتها ,تنظم التعميد والصلوات والطقوس بما تراه ,وتعيين القسس وترقيهم في مراتب الكهنوت بما يحلو لهم ,فهذا كله من حقها ومن شأنها ان تتصرف فيه ,كما تشاء وكيف تشاء ,لامعقب عليها ولاراد لحكمها




اما شؤون السياسه والحكم والاقتصاد والتشريع والدستور ,وشؤون التربية والتعليم ,والثقافه والاعلام ,والحرب والسلم ,كل ذلك من شأن قيصر ودولتة ومن اختصاصه هو فقط ولاشريك له في ذلك ,لادخل للدين به




-------------




وهذا منطق مرفوض شكلا وموضوعا عندنا نحن المسلمين - بمقتضي عقيدتنا الاسلامية ,فالله جل جلاله هو مالك هذا الكون ,لاشريك له فيه ,له مافي السماوات وما في الارض ,وله من في السماوات ومن في الارض ,وله الحكم وحده في هذا الكون (ان الحكم الا لله) سواء كان هذا الحكم كونيا بمعني انه المتصرف في هذا الكون وفق سننه ,ام كان هذا الحكم امريا تشريعيا ,بمعني انه هو وحده الآمر الناهي المشرع لعباده المحلل لهم والمحرم عليهم ,فأن كان منطقهم ان :مالقيصر لقيصر ومالله لله فأن منطقنا نحن المسلمين :ان قيصر ومال لقيصر لله الواحد الاحد




(قل ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين.بذلك امرت وانا اول المسلمين )




ومن هنا كان رسول الله صلي الله عليه وسلم ,هو قائد الدين ورئيس الدولة معا ,هو الذي يؤمهم في الصلاة ويقودهم في الحروب ويفصل بينهم في الخصومة ويحكمهم في شؤونهم العامة




وكذلك كان خلفاؤه الراشدون :رجال دعوة ,ورجال دولة معا يفتون في امر الدين ويدبرون امر الدولة




وكذلك عرف فقهاء السياسة الشرعية في الاسلام (الخلافة) بأنها "نيابة عن رسول الله صلي الله عليه وسلم في اقامة الدين وسياسة الدنيا به.




اسف جدا للاطاله ولكن احببت فقط ان افصل

هناك 5 تعليقات:

غير معرف يقول...

مهما كانت المجازر فى حق العلماء المسيحيين فكانت ابشع على المسلمين فى الاندلس
بس في حاجة لازم كل مسلم يفكر ان العلمانية دى صحيحة لازم الاول يحطها فى باله ان المسيحية بشكلها المتحرف الان والمتواجدة عليه وكذلك اليهودية ضد العلم والتقدم على عكس الدين الاسلامى فى ابهى عصور التدين واتخاذ الدين كمنارة هى ازهى عصور العلم وجابر ابن حيان والفارابى شاهدون على ذلك فى المشرق وعلماء الاندلس اللى الاوروبيين اخدوا منهم العلم ونسبوه اليهم هما كمان شاهد فى المغرب فكل العلماء العظام للاندلس ظهروا فى عصر نهضة دين قبل ان تغلب عليه نهضة الدنيا
لازم الكل يدرك اننا غيرهم
وكما قال سيدنا عمر بن الخطاب ( نحن قوم اعزنا الله بالاسلام فاذا ابتغينا العزة بغيره اذلنا الله )
العلماء دول كلهم كانوا بيشتغلوا للدين ولنصرته
ونفسى افهم المقولة الشهيرة العبقرية مالقيصر لقيصر ومالله لله اللى قالها محاولش يفكر فيها مأدركش ان كل شئ لله حتى قيصر نفسه

عاشــــــ النقاب ـقــــة"نونو" يقول...

السلام عليكم اخي الجعفري
لطالما شغلتني مقولة مال قيصر لقيصر ومال الله لله
واقيس عليه الدين لله والوطن للجميع وكأن الوطن خلقه اخر غير الله واوجد المال للقيصر اخر غير الله
تعالى الله عما يصفون
الحمد لله على نعمة الاسلام
بورك قلمك اخي الجعفري تحياتي لحضرتك

أم حبيبه يقول...

الحمد لله على نعمة الإسلام

نفع الله بك اخى



فى انتظار البوست اللى جاى

ahmed saker يقول...

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
موضوع جميل و جهد مشكور و بارك الله لك في صحتك و جعلك قادرا علي ان تقدم المزيد
بورك كيبوردك - حلوة دي -
شكرا لك

Unknown يقول...

بارك الله فيكم

ونفع بكم

ما أروعها من رسالة تعليم العلم

تقبل الله منكم