السبت، 16 أغسطس 2008

مفكري الليبرالية في مصر

السلام عليكم ورحمة الله
استكمالا لما سردناه مسبقا وتعرفنا من خلاله علىكيفية دخول العلمانية مصر والعالم الاسلامي تعالوا لنتعرف على ابرز مفكري العلمانية والليبرالية في مصر

- الشيخ رفاعة رافع الطهطاوي (1801-1873م)،ساهم في تعريف القارئ المصري على اتجاهات الفكر الاجتماعي والسياسي في فرنسا، فقد نشر عدداً من الكتب، كان من أبرزها "تخليص الأبريز في تلخيص باريز، أو الديوان النفيس بإيوان باريز" عام 1834م، قدّم فيه فكرة عن الحياة في باريس، وعن الثقافة والعادات والتقاليد والقيم الفرنسية، واعتبره البعض بمثابة حجر الأساس في الفكر الاجتماعي والسياسي المصري، خلال القرن التاسع عشر، كما أصدر في أواخر حياته كتاباً هاماً يمثل النضوج الفكري للطهطاوي، وهو "مناهج الألباب المصرية في مباهج الآداب العصرية" عام 1869، كما ترجم الدستور الفرنسي الذي سماه الشرطة الصادر عام 1814م، ووثيقة حقوق الإنسان، وكتاب "روح القوانين" لمونتسكيو، و"العقد الاجتماعي" لروسو، وغيرها من الكتب، التي تبشر بالقيم والمبادئ الليبرالية.



كما قدم لقرائه فكرة عن الدولة العلمانية، ومفهوم الدستور والقانون، وأنماط الحياة الاجتماعية، ومكانة المرأة في المجتمع الفرنسي،



وأبدى إعجاباً بالمبادئ الدستورية، ومبادئ حقوق الإنسان، وفقاً للمنظور الغربي، والرابطة الوطنية والتسامح الديني،



فقد اجتهد في تقريب صورة الغرب الأوروبي للعقل المصري،



ومما لا شك فيه أنه قد شق الطريق أمام بروز التيار الليبرالي في الفكر المصري الحديث، فقد عده بعضهم مؤسس الليبرالية المصرية.



- علي مبارك(1823-1893م) واصل متابعة جهود الطهطاوي في حقول الترجمة والتعليم. وقد ساهم في بروز ما عُرف بالتعليم العلماني أو المدني الحديث الموازي للتعليم الديني الأزهري؛ وقد أسهم في تعريف المصريين على جوانب جديدة من الحياة في الغرب في روايته "علم الدين"، التي كتبها حوالي سنة 1858م. - وبعيداً عن التصنيفات القطعية في تحديد الهوية الفكرية لهذا المفكر أو ذاك،



فإن جمال الدين الأفغاني (1839-1897م) قام بدور ليبرالي هام خلال فترة مكوثه في القاهرة (1871-1879). ولا شك أنه ساهم في تهيئة المناخ الفكري الملائم للأفكار التحررية، فقد تبنى الدعوة إلى الحرية، والأفكار الدستورية، والإستفادة من منجزات الغرب والتواصل معه، ومكافحة الاستعمار والاستبداد والظلم. وتشكل من حوله جيل من التلامذة والمعجبين، قادوا الحركة الفكرية في مصر، وتزعموا مايسمونه حركة الإصلاح هم وتلامذتهم من بعدهم.



- والشيخ محمد عبده(1849-1905م) يأتي في مقدمة تلامذة الأفغاني وتأتي أهميته في سياق الحديث عن الفكر الليبرالي في مصر، من كونه يمثل مدرسة عصرانية تدعو – كما تزعم - إلى التوفيق بين الإسلام وبين حركة المدنية الحديثة، فكان دوره حاسماً في حركة الثقافة المنفتحة على الغرب وعلومه، ، وهو رائد المنهج العصراني.لكنه لا يحبذ – مؤقتًا - ترك المجال للاتجاهات العلمانية الصرفة لتسود كل شيء. لكن غالب تلامذته اتجهوا نحو ليبرالية علمانية وفق تطور تدريجي في أعقاب وفاة شيخهم، وشرعت هذه ((((الفئة في نشر مبادئ مجتمع علماني يدعي احترام الإسلام، لكن دون أن يجعله أساساً للحياة الاجتماعية!!)))))



قبل التوسع والكلام حول تلامذة محمد عبده لابد من ذكر الدور الهام الذي قام به عبدالرحمن الكواكبي (1848-1902م) في صياغة الفكر العربي الحديث، وإسهامه بالذات في محاربة الاستبداد، وكشف مخاطره وعواقبه، واعتباره السبب الرئيس المسؤول عن واقع التخلف الذي تعانيه الأمة. وقد دافع عن الحرية، والعدالة والمساواة، من منظورمنفتح على التجربة الإنسانية، ولا شك أن هذه الأفكار تشكل جذراً أساسياً في دعم الفكر التحرري الليبرالي.



- ويُعد قاسم أمين أحد أبرز تلامذة محمد عبده الذين جنحوا تدريجياً في مجاراة تيار التغريب، وإن كان اسمه قد اقترن بالدعوة إلى "تحرير المرأة"، فإن جهده الفكري صب في التيار الليبرالي العام.



- أحمد لطفي السيد (1872-1963م) لينطلق بعيداً بالفكر الليبرالي في مصر عن النهج التوفيقي لمحمد عبده. فقد استبعد الإسلام كتشريع وكمرجعية من مشروعه الفكري، وأخذ به كجانب خُلقي وكمرحلة تاريخية من مراحل تكوين الشخصية المصرية، وأبدى إعجاباً شديداً بالفلسفة اليونانية، فعمد إلى ترجمة بعض مؤلفات أرسطو الذي كان من فرط إعجابه به يدعوه "سيدنا أرسطو رضي الله عنه" !!



واعتبره جيل من الشباب المثقف، أستاذاً لهم، فأسموه "أستاذ الجيل"، ذاك الجيل الذي تتلمذ على يديه في "الجريدة" وفي "الجامعة المصرية"، وتلقفوا أفكاره الليبرالية بكثير من الإعجاب والمتابعة.



ويكفي أن نعرف أن لطفي السيد هو الذي اشتق التسمية المناسبة برأيه للدلالة على "الليبرالية"، فأطلق عليها اسم "مذهب الحريين" وفضلها على تسميتها بمذهب "الحرية" أو مذهب "الأحرار"، وكان يسميه مذهب "اللبراليزم" أي مذهب أهل السماح. ونادى بجعل هذا المذهب أساساً للنظام السياسي والاجتماعي، ولكل علاقة بين الفرد والمجتمع، أو بين الفرد والحكومة.



كما اقترح تسمية حزب الأحرار الدستوريين عند تأسيسه باسم حزب "الحريين الدستوريين".



وإذا كان الإمام محمد عبده يدعم نهجه الإصلاحي التوفيقي بـ"الفكرة" و "الموقف"، من خلال العمل في المؤسسات، فإن لطفي السيد ومعه جيل جديد من الليبراليين مارسوا تعزيز النهج التحديثي الليبرالي، عبر "الفكرة" بالجهد الفكري والثقافي، وعبر "الموقف" بالمشاركة في أجهزة الدولة، كتولي الوزارة، ورئاسة الجامعة وغيرها من مؤسسات التوجيه.



- ويظهر د. منصور فهمي (1886-1958م) ؛ كأحد أبرز رموز التيار الليبرالي. تلقى تعليمه العالي في باريس، وناقش في عام 1913م أطروحة الدكتوراه بعنوان "حالة المرأة في التقاليد الإسلامية وتطوراتها"، وهي أول رسالة قدمها مصري في علم الاجتماع. وقد أشرف عليها المستشرق اليهودي ليفي بريل (1857-1939م)، وتضمنت نقداً لاذعاً لأحوال المرأة في المجتمع الإسلامي، بل ولموقف الإسلام من المرأة، ونهج فيها منهج النقد التاريخي، المتحرر من الالتزام بقدسية الوحي، ومفسراً نصوص القرآن الكريم، والحديث الشريف، وسلوك الرسول عليه السلام وفقاً لمناهج المستشرقين. ولا حول ولا قوة الا بالله



وعندما عاد إلى مصر، عمل مدرساً في الجامعة المصرية،



لكنه أُخرج منها عندما نشرت الصحف مقتطفات من أطروحته التي كتبها بالفرنسية، ولم يحاول إطلاقاً إعادة نشرها بالعربية، وكان عضواً في "جماعة السفور"، وفي الحزب الديمقراطي المصري، وأحد أبرز كتّاب "السياسة".



لكن منصور فهمي أعاد النظر في كثير من قناعاته الفكرية، فعاد ليبدي تفهماً لحقائق الإسلام بعيداً عن المفاهيم الاستشراقية التي خيمت على فكره في بواكير الشباب، وراح يعبر عن هذا الموقف منذ نهاية عقد العشرينيات، عبر مقالاته الصحفية، ونشاطه الفكري العام.



- ولا يمكن استكمال صورة الفكر الليبرالي في مصر دون التوقف مطولاً مع تجربة د. محمد حسين هيكل[61] (1888-1956م)



وهو ما سنتناوله في التدوينة القادمة باذن الله



فانتظرونا



خالد فتحي



الفاتح الجعفري

الخميس، 24 يوليو 2008

كيف تسللت العلمانية الى مصر؟؟؟؟


السلام عليكم ورحمة الله

تعرفنا اخواني على مدى تدوينتين كيف تسللت العلمانية الى عالمنا الاسلامي وسنعرف هنا كيف تسللت الى مصرتحديداولنبدأ ببسم الله

منافذ الفكر الليبرالي إلى مصر:

أ-))))الحملة الفرنسية على مصر 1789-1801م:

فقد كانت صدمة ثقافية وفكرية لمصر، وفتحت عيون المصريين على عالم جديد، وعرفتهم على الفارق الحضاري الذي يفصلهم عن أوروبا. فقد رافق نابليون في حملته هذه جمع من العلماء في تخصصات مختلفة. كما أدخل معه مطبعتين إحداهما عربية والأخرى فرنسية، وأنشأ الدواوين، وأنشأ مرصداً ومتحفاً ومختبراً ومسرحاً ومجمعاً علمياً.

غير أن قصر الفترة التي مكثها الفرنسيون في مصر، إضافة إلى عدم استقرار الأوضاع لهم كما يشتهون، إلى جانب عدم الاندماج الفاعل بينهم وبين الشعب المصري.

كل ذلك قلل من حجم الاستفادة المصرية من ثمرات التقدم الأوروبي التي جلبتها الحملة معها.

وقد دار جدل واسع بين الباحثين حول تقويم أثر الحملة الفرنسية التنويري، ومحصلة هذا الجدل

كانت حول حجم ومدى التحولاتالتي نتجت عن الحملة، لا حول وجودها من عدمه.

وفي كل الأحوال لابد من الحذر من المقولات التي تدعي ان هناك دور تنويري للاحتلال الأجنبي.

ب-))))الخبراء الأجانب في مصر، والبعثات العلمية إلى أوروبا:

وتوثقت صلات مصر بأوروبا في عهد محمد علي، إذ اعتمد في تجربته الرائدة في بناء دولة مصرية حديثة على عدد من الخبراء الأجانب من الإيطاليين والفرنسيين. كما اعتمد سياسة إرسال البعثات العلمية إلى أوروبا، فكانت هذه البعثات من العوامل الهامة في الانفتاح على الغرب وثقافته.

وقد بدأت حركة الابتعاث عام 1813م، بإرسال مجموعة من الطلبة المصريين إلى إيطاليا لدراسة الفنون العسكرية وبناء السفن، وتعلم الهندسة، ومنذ العام 1826م، بدأت حركة الابتعاث إلى فرنسا، وخلال الفترة 1813-1847م، تم إيفاد 339 مبعوثاً إلى أوروبا، وتواصلت سياسة الابتعاث طوال القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين].

وبعد عودتهم عملوا في حقول التعليم والجيش والأعمال الهندسية والطب والترجمة. وكان دورهم واضحاً في تشكيل البيئة المناسبة لغرس أفكار التحديث الأوروبية.

ج-))))حركة الترجمة:

وشكلت حركة الترجمة أحد أهم منافذ الفكر الأوروبي إلى مصر، وقد بدأت في عهد محمد علي الذي أولاها رعاية خاصة، اقتناعاً منه بضرورتها للإطلاع على منجزات العلم الأوروبي، وكان تركيزه منصباً على الكتب العلمية، واعتمد في البداية على عدد من المترجمين الأوروبيين، ثم على الطلبة المصريين العائدين من البعثات العلمية.

ثم أنشأ دار الألسن عام 1835م لإعداد المترجمين، وتوسّعت حركة الترجمة لتشمل ميادين ثقافية وعلمية مختلفة، كالعلوم الرياضية، والعلوم الطبية، والطبيعية، والمواد الاجتماعية، والأدبية، والقوانين الفرنسية

وبرز في ميدان الترجمة إضافة إلى رفاعه الطهطاوي)، كل من أحمد عثمان ) الذي قدّم إلى المكتبة العربية عدة ترجمات لكتابات أدبية فرنسية، وأحمد فتحي زغلول، وقد اهتم بترجمة كتابات سياسية واجتماعية أوروبية ذات توجهات ليبرالية واضحة، والتي أسهمت في تعريف المصريين بالفكر الليبرالي الغربي.

وكان يقدم لها بمقدمة يوضح فيها تعاطفه مع المبادئ والأفكار الليبرالية المبثوثة فيها، ويدعو القراء للإفادة منها، وكان من أبرزها "أصول الشرائع" لبنتام ونشرت الترجمة عام 1892م، وكتاب "سر تقدم الإنجليز السكسونيين" لصاحبه إدمون ديمولان ونشرت الترجمة عام 1899م، وكتاب "روح الاجتماع" لجوستاف لوبون ونُشرت الترجمة عام 1909م، وكتاب "سر تطور الأمم" لجوستاف لوبون أيضاً، ونُشرت الترجمة عام 1913م. وكتاب روسو "العقد الاجتماعي".

وتواصلت حركة الترجمة في مصر لتشكل نافذة تطل منها مصر ومعها العالم العربي على الغرب وثقافته وتياراته الفكرية على تنوعه، واتخذت مكانة هامة في نظر دعاة الليبرالية كمرحلة لابد منها لخلق بيئة ثقافية وفكرية مناسبة تمهد لولوج مرحلة التأليف تالياً. وقد دافع أحمد لطفي السيد، ود. محمد حسين هيكل، وغيرهم من رموز التيار الليبرالي، عن أن هذا العصر عصر ترجمة لا عصر تأليف بالنسبة لمصر.

د-)))الطباعة والصحافة:

فقد عرفت مصر نشاطاً صحفياً مميزاً منذ صدور "الوقائع المصرية" 1828م، فقد صدر عدد كبير من الصحف والمجلات طوال القرن التاسع عشر، ومطلع القرن العشرين وصولاً إلى فترة الدراسة. ولا شك أن بعض الصحف والمجلات أدت دوراً بارزاً في التعريف بالفكر الأوروبي، كان في مقدمتها مجلة "المقتطف"، ومجلة "الهلال"، ومجلة "الجامعة العثمانية". ساهمت هذه المجلات في التعريف بالمذاهب الفكرية والفلسفية والأدبية والعلمية، وسائر ضروب الثقافة الغربية، وعدّها إسماعيل مظهر صاحبة الفضل الأكبر في تطور الفكر العلمي في مصروانهانقطة التحول الأساسية في الفكر المصري الحديث.

وتبرز جريدة "الجريدة" الصادرة عام 1907م، بوصفها حاملة لراية الدعوة للفكر الليبرالي.

وهي لسان حال حزب الأمة ذي التوجهات الليبرالية المعروفة، وترأس تحريرها أحمد لطفي السيد "فيلسوف" التيار الليبرالي المصري ومنظّره. وعلى صفحاتها برزت أسماء عدد من أكبر رموز التيار الليبرالي كطه حسين، ومحمد حسين هيكل، وعباس محمود العقاد، ومحمود عزمي، ومحمد عبدالقادر المازني، والشيخ مصطفى عبدالرازق.

ثم حملت الراية جريدة "السفور" الصادرة عام 1915م، وقد شكّلت حلقة وصل بين "الجريدة، و"السياسة" الصادرة عام 1922م لسان حال لحزب الأحرار الدستوريين، ورصيفتها "السياسة الأسبوعية" الصادرة عام 1926م، وتولى رئاسة تحريرها د. محمد حسنين هيكل

وسنكتفي بذلك على ان نكمل في التدوينة القادمة ابرز المفكريين الليبراليين والاحزاب الليبرالية في مصر

خالد فتحي

الفاتح الجعفري

الثلاثاء، 24 يونيو 2008

الوسائل التي ساعدت على انتشار العلمانية في عالمنا الاسلامي



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


بعد ان تناقشنا حول كيفية تسلل العلمانية للعالم الاسلامي وتعرفنا في ان ذلك كان بسبب غياب المفاهيم الإسلامية الصحيحة عن واقع العالم الإسلامي مما مهد الطريق إلى دخول العلمانية إلى العالم وايضا الاثر الذي تركته الفلسفة اليونانية والهندية والفارسية وتاثيرها على المعتزلة والصوفية والمرجئة وانكارهم للنصوص والدينية والشرائع وتقديمهم للعقل على النقل كما سبق وفصلنا ذلك في التدوينة السابقة


والان ما هي الوسائل التي ساعدت على انتشار العلمانية في العالم الإسلامي؟؟؟؟


والإجابة عن هذا التساؤل تكون بشكل مجمل، لأن الغرض هنا هو رسم صورة عامة إجمالية لهذا الموضوع


والآن إلى أهم هذه النقاط :-


==1=من خلال الاحتلال العسكري الاستعماري :-


فقد وفدت العلمانية إلى الشرق في ظلال الحراب العسكرية وعبر فوهات المدافع البوارج البحرية .


==2=من خلال البعثات العلمية:-


التي ذهبت من الشرق إلى الغرب لطلب العلم والتقدم فعاد الكثير منها بالعلمانية لا بالعلم بالعلم


، ذهبوا لدراسة الفيزياء والكيمياء والإحياء والجيولوجيا والفلك والرياضيات فعادوا بالأدب واللغات والاقتصاد والسياسة والعلوم الاجتماعية والنفسية بل دراسة الأديان وبالذات الدين الإسلامي في جامعات الغربية ولك أن تتصور حال شاب مراهق يحمل الشهادة الثانوية ويلقى به بين أساطين الفكر العلماني الغربي على اختلاف مدارسه بعد أن يكون قد سقط إلى شحمة أذنيه في حماة الإباحية والتحلل الأخلاقي


، وما أوجده كل ذلك لديه من صدمة نفسية واضطراب فكري ليعود بعد عقد من السنين بأعلى الألقاب الأكاديمية وفي أهم المراكز العلمية بل القيادية في وسط أمة أصبح ينظر إليها بازدراء وإلى تاريخها بريبة واحتقار وإلى قيمها ومعتقداتها وأخلاقها – في أحسن الأحوال – بشفقة ورثاء


-، إنه لن يكون بالضرورة إلا وكيلا تجاريا لمن علموه وثقفوه ومدنوه وهو لا يملك غير ذلك ولئن كان هذا التوصيف للبعثات الدراسية ليس عاما فإنه الأغلب وبالذات في أوائل عصر البعثات وما ( طه حسين ) و) ( رفاعة الطهطاوي ) إلا أمثلة خجلي أمام غيرهم من الأمثلة الصارخة الفاقعة اللون مثل ( زكي نجيب محمود ) و ( محمود أمين العالم ) و ( فؤاد زكريا ) و ( عبد الرحمن بدوي ) وغيرهم الكثير ، ولئن كان هذا الدور للبعثات العلمية تم ابتداء من خلال الابتعاث لعواصم الغرب فإن الحواضر العربية الكبرى مثل ( القاهرة – بغداد – دمشق ) أصبحت بعد ذلك من مراكز التصدير العلماني للبلاد العربية الأخرى من خلال جامعاتها وتنظيماتها وأحزابها وبالذات لدول الجزيرة العربية


==3==من خلال البعثات التبشيرية : -


فالمنظمات التبشيرية النصرانية التي جابت العالم الإسلامي شرقا وغربا من شتى الفرق والمذاهب النصرانية جعلت هدفها الأول زعزعة ثقة المسلمين بدينهم وإخراجهم منه ، وتشكيكهم فيه ، حتى ,ان لم يعتنقوا النصرانية وليس أجدى من العلمانية وسيلة لهذا الغرض والأمر ليس من باب التخمين والافتراض بل نطقت بهذا أفواههم وخطته أقلامهم .


==4=من خلال المدارس والجامعات الأجنبية :-


ففي أواخر الدولة العثمانية وحين سيطر الماسونيون العلمانيون على مقاليد الأمر سمح للبعثات التبشيرية والسفارات الغربية بإنشاء المدارس والكليات وانتشرت في بلاد الشام والأناضول انتشار النار في الهشيم وخرجت أجيالا من أبناء المسلمين وبناتهم أصبحوا بعد ذلك قادة الفكر والثقافة ودعاة التحرر والانحلال.


==5= من خلال الجمعيات والمنظمات والأحزاب العلمانية التي انتشرت في الأقطار العربية والإسلامية ما بين يسارية وليبرالية وقومية وأممية وسياسة واجتماعية وثقافية وأدبية بجميع الألوان والاطياف:-


وقد تختلف هذه التجمعات في أي شيء إلا في تبني العلمانية والسعي لعلمنة الأمة كل من زاوية اهتمامه والجانب الذي يعمل من خلاله .


==6= من خلال البعثات الدبلوماسية :-


سواء كانت بعثات للدول الغربية في الشرق أو للدول الشرقية في الغرب فقد أصبحت في الأعم الأغلب جسورا تمر من خلالها علمانية الغرب الأقوى إلى الشرق الأضعف من خلال الاقتداء ومن خلال المنح الدراسية وحلقات البحث العلمي والتواصل الاجتماعي والمناسبات والحفلات ومن خلال الضغوط الدبلوماسية والابتزاز الاقتصادي وليس بسر أن بعض سفارات الدول الكبرى أكثر أهمية وسلطة من القصر الرئاسي أو مجلس الوزراء في تلك الدول الضعيفة التابعة .


==7=من خلال الشركات الغربية الكبرى التي وفدت لبلاد المسلمين مستثمرة في الجانب الاقتصادي ، لكنها لم تستطع أن تتخلى عن توجهاتها الفكرية ، وقيمها وأنماط حياتها الاجتماعية وهذا أمر طبيعي ، فكانت من خلال ما جلبته من قيادات إدارية وعمالة فنية احتكت بالشعوب الإسلامية سببا مهما في نشر الفكر العلماني وقيمه الاجتماعية وانعكاساته الأخلاقية والسلوكية


، ولعل من المفارقات الجديرة بالتأمل أن بعض البلدان التي كان يعمل فيها بعض الشركات الغربية الكبرى من أمريكية وبريطانية لم تبتل بالتنظيمات اليسارية ، ولم تنشأ إلا في هذه الشركات في أوج اشتعال الصراع بين المعسكر الشيوعي والمعسكر الغربي .


نكتفي بذلك في هذه التدوينة وفي التدوينة القادمة سنكمل


هذا والله ولي التوفيق


تحياتي


خالد فتحي


الفاتح الجعفري

الخميس، 5 يونيو 2008

كيف تسللت العلمانية الى العالم الاسلامي؟؟؟؟؟؟؟





السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


نتناول الان كيف تسللت العلمانية الى عالمنا الاسلامي العالم العربي وسنتعرف ايضا كيف دخلت العلمانية الى مصر


اولا تسللها الى العالم الاسلامي


كان له اسباب كثيرة نجملها فيما يلي:-




1)غياب المفاهيم الإسلامية الصحيحة عن واقع العالم الإسلامي مما مهد الطريق إلى دخول العلمانية إلى العالم


فقد كان في بواكير ( التراث الفكري الإسلامي ) بعض الجذور العميقة لتصورات ومفاهيم منحرفة عن الإسلام الصحيح ساهمت إلى حد كبير في إخصاب الأرضية الفكرية التي عملت عليها العلمانية للاسف الشديد .


من هذه التصورات والمفاهيم المنحرفة :-


---الأثر الذي تركته الفلسفة اليونانية والفارسية والهندية على فكر بعض الفرق وخاصة المعتزلة حيث شاع عندهم تقديم العقل على النقل عند توهم تعارضهما حتى عدوا ذلك أصلا من أصول الاستدلال فكانوا ينكرون ما يستطيعون من الأحاديث النبوية التي تتعارض مع المعقول بحسب تصورهم لهذا المعقول – بدعوى عدم ثبوتها أو عدم حجيتها لكونها أحاديث آحاد لا تفيد اليقين وهذه الفكرة في أحد جوانبها – من شأنها تضييق نطاق النصوص الشرعية وما يستنبط منها لحساب توسيع مجال عمل العقل الذي أخذ يحتل مكانة النصوص في منهجية الاستدلال .


---كما أخذوا يؤولون الآيات القرآنية – تأويلا أيا كان بعده – ليوافق أصولهم ومعارفهم العقلية التي عدوها يقينية ، فكان استخدام هذا الأصل بقدر ما يعلي من قيمة العقل البشري بقدر ما يحط من قوة الإيمان بالغيب وصفاء التسليم للشريعة .


---ومن ذلك أيضا :- الأثر الذي تركه الفكر الإرجائي على تصور كثير من المسلمين لحقيقة الإيمان ، فقد ابتدع المرجئة القول بخروج الأعمال من حقيقة الإيمان ؛ وعليه : بات يكتفي في الإيمان بتصديق وقول – على اختلاف بينهم – ومن ثم :- كثرت الأعمال التي لا تنسب إلى الإيمان وهي تشمل الحياة كلها ، وبتعبير آخر : اتسعت المساحة التي يمكن أن يتحرك فيها العصيان والتبديل والانحراف بأمان تاركا الإيمان ، ثم تحول هذا القول على يد المرجئة الجدد إلى مجرد ألفاظ خالية من مدلولاتها ومعانيها ، ومما زاد من أثر آراء المرجئة على حياة الأمة : اندثار المرجئة الفرقة ، وبقاؤها – بل وانتشارها – أفكارا وآراء .


---ثم كان للصوفية نصيب من هذا الإخصاب : إذ تعانق مع الفكر الإرجائي انحراف مفهومي ( العبادة ) و ( القضاء والقدر ) عند المتصوفة ، حيث تحول مفهوم الزهد الإيجابي الذي كان عليه السلف على يد المتصوفة إلى سلوك انسحابي أخذ شكل التفرغ – للعبادة – في مسجد أو زاوية أو خلوة أو حتى كهف .


وأما من انصرف إلى معالجة شئون الدنيا فقد كان ينظر إليه عند هؤلاء على أنه انصرف عن العبادة !!!!!!!!!!


، وكما رأينا اضطراب العلاقة بين العقل والنقل عند المعتزلة نجد هنا – على يد المتصوفة – علاقة متنافرة غريبة بين الدين والدنيا أو بين الآخرة والدنيا ، فمن أراد الدين والآخرة فله المسجد لا شأن له بالدنيا


، فلمن ترك هذه الدنيا ؟! يتصدى لها أهل الفساد والانحراف ولا يكون ذلك مستهجنا ، كما لا يكون مستغربا أن ينظموا هذه الدنيا بمنأى عن الدين الذي ترك في خلوات العبادة وحلقات الفقه وفي قول أو شعائر يؤديها الفرد المسلم بل يتم التسليم بذلك الانحراف على أنه قضاء وقدر وانا لله وانا اليه راجعون .


---أضف إلى ذلك :- إن ما روجه الصوفية عن الفرق بين الحقيقة والشريعة كان بابا واسعا للانسلاخ من الشرع والتفلت من الدين تحت مظلة ادعاء ( الولاية ) وقد كان هذا المفهوم مطية لتأويلات عديدة غير منضبطة بأصول شرعية أو لغوية أو عقلية .


==ومن العوامل الفكرية التي ساهمت في إخصاب الأرضية التي قامت عليها العلمانية :


=== الفصل الحاد بين ( العبادات ) و ( المعاملات ) الذي اقتضته ( الأصول الفنية ) للمنهجية العلمية التي قامت عليها الكتب الفقهية المتأخرة .


===وكذلك بعض الآراء الأصولية الفقهية الشاذة أو الاستخدام السيئ لبعض الأصول والقواعد الفقهية فلقد ناقش الفقهاء مسألة ( نسخ القياس والإجماع للقرآن والسنة ) وردها ولكن إثارتها من بعض العلماء وإن كانوا قلة – يدل على استعداد فكري مبكر لتطويع الشريعة


===، كما ساهم في ذلك الانحراف عن ضوابط بعض الأصول والقواعد الفقهية مثل :- الخروج بالاستحسان والمصالح المرسلة من كونها المصالح الشرعية إلى المصالح التي يرتئيها المنفذون حسب عقولهم وأهوائهم ومثل الانحراف بنظرية العرف أو قاعدة ( العادة محكمة ) ليكون العرف والعادة هما الأصل الذي يقدم على ما سواه


ولا شك أن مجرد وجود هذه العوامل والمؤثرات كان لا يعني حتمية نشوء العلمانية في العالم الإسلامي ؛


ذلك أن في الإسلام ذاته وفي العالم الإسلامي له من القيم الأخرى الأصيلة والقوى المعادلة لهذه العوامل والمؤثرات ما يبطل – أو يضعف – أثر هذه العوامل ولكن الحقيقة أيضا أن هذه العوامل والمؤثرات شكلت – عندما انتشرت وتعاظمت – حالة يمكن أن نطلق عليها ( القابلية للعلمنة ) شبيهه بتلك ( القابلية للخضوع ) التي قصدها الشيخ عبد الحميد بن باديس ، والمفكر مالك بن نبي ، والتي أطلقوا عليها : قابلية للاستعمار


، إضافة إلى أن هذه العوامل مثلت ثغورا نفذ منها العلمانيون إلى بناء الفكري الإسلامي ، وعلى ذلك :- فإن هذه العوامل والمؤثرات رغم وجودها في مسيرة الأمة إلا أنها لم تكن عناصر فاعلة إلا في القرنين الأخيرين ، وذلك لأن العوامل المساعدة المنشطة التي تحث هذه العناصر على التفاعل لم تكن متوفرة بشكل كاف قبل ذلك


ومن أبرز هذه العوامل المساعدة :- الهزيمة النفسية لدى المسلمين وتوجه الغرب إلى الغزو الفكري مع – أو بدلا من – الغزو العسكري الذي أثبت إخفاقه وحده عبر حروب صليبية طويلة .


وحتى لا نطيل عليكم سنكتفي بذلك في هذه التدوينة والتدوينة القادمة سنكمل معا


كيف تسللت العلمانية الى مصر واسباب انتشار ها


اللهم ارنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وارنا اللباطل باطلا وارزقنا اجتنابه


فانتظرونا


خالد فتحي


الفاتح الجعفري

الثلاثاء، 13 مايو 2008

بين المسيحية والاسلام -المبرر الرابع


بسم الله والصلاة والسلام علي رسول الله
ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدي ورحمة وبشري للمسلمين
-------
فضلنا يا احبابنا في الله ان نجعل المبرر الرابعفي تدوينة مخصوصه نظرا لاهميته الشديدة
وهنا نعرض فرق واضح وجوهري بين المسيحية والاسلام
وهو ان المسيحية ليس فيها تشريع لشؤون الحياة
فلا تمتلك المسيحية تشريعا مفصلا لشؤون الحياة , يضبط معاملاتها , وينظم علاقاتها
ويضع الاصول والموازين القسط لتصرفاتها
انما هي روحانيات واخلاقيات ,تضمنتها مواعظ الانجيل وكلمات المسيح فيه
علي خلاف الاسلامالذي جاء شريعة وعقيدة ووضع الاصول لحياة الانسان من المهد الي اللحد
وبما أننا اتفقنا على أن (مدلول العلمانية يعني عزل الدين عن الدولة وحياة المجتمع وإبقاءه حبيساً في ضمير الفرد لا يتجاوز العلاقة الخاصة بينه وبين ربه فان سُمح له بالتعبير عن نفسه ففي الشعائر التعبدية والمراسم المتعلقة بالزواج والوفاة ونحوهما)
فإننا نجد أن العلمانية تتفق مع الديانة النصرانية في فصل الدين عن الدولة حيث لقيصر سلطة الدولة ولله سلطة الكنيسة وهذا واضح فيما ينسب للسيد المسيح من قوله
:( إعط ما لقيصر لقيصر وما لله لله )
أما الاسلام فلا يعرف هذه الثنائية والمسلم كله لله وحياته كلها لله
( قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين .لاشريك له وبذلك امرت وانا اول المسلمين ) سورة الأنعام : آية 162
ويتشدق العلمانيون دائما بقولهم أن العلمانية هي الحل للكثير من المشاكل التي تتخبط فيها دولنا
وإن المجتمعات العلمانية قادرة على احتواء الجميع رغم الإختلافات الدينية
بدعوى أن الأديان هي التي تهمش الأقليات المخالفة
وبدعوى أن المسلم لن يرضى أن تطبق عليه أحكاما من الشريعة اليهودية لأن هذه الأخيرة زيفت (في نظر المسلم)
كذلك المسيحي لن يقبل أن تطبق عليه أحكام الشريعة الإسلامية
بإدعاء أن رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم - ليس نبيا ولم يرسله الرب (في نظر المسيحي) –
وبإدعاء أن المجتمع العلماني يمكنه احتواء الجميع وضمان حقوقهم
بحجة أنه يستحيل أن نقول بوذي مسلم أو مسلم مسيحي أو يهودي مسيحي
ولكن يمكننا القول علماني يهودي أوعلماني بوذي أوعلماني مسلم
ويتغافلون عن قضية في منتهى الأهمية ...
وهي أن التشريع الإسلامي كما شمل الحلال والحرام في حياة الفرد فإنه أيضا قد نظم الحقوق والواجبات في دائرة الاسرة
ونظم شؤون المبادلات والمعاملات في المجتمع بين الناس وبعضهم
كما عني بشؤون الادارة والمال والسياسة الشرعية وكل مايتعلق بحقوق الراعي والرعية
وكذلك بالعلاقات الدولية بين الامة الاسلامية وغيرها من الامم مسالمين او محاربين
وهذا ماتضمنه "الفقه الاسلامي" الذي يضم في جنباته كل مايتعلق بحياة الفرد المسلم والمجتمع المسلم ,من كتاب الطهارة الي الجهاد الي آداب الطعام والشراب الي بناء الدولة
اما المسيحي ,فليس عنده مثل هذا التشريع يرجع اليه ,ويحكم به او يحتكم اليه فالمسيحي ,اذا حكمه قانون مدني وضعي لاينزعج كثيرا لذلك ولاقليلا حتي ,لانه لايعطل قانونا فرضه عليه دينه ولايشعر بالتناقض بين عقيدته وواقعه ,كما يشعر به المسلم الذي يوجب عليه ايمانه بالله ورسوله الاحتكام اليهما فيما شرعا ,والسمع والطاعة لما امرا به ونهيا عنه انما كان قول المؤمنين اذا دعوا الي الله ورسوله ليحكم بينهم ان يقولوا سمعنا واطعنا واولئك هم المفلحون
الحمد لله يا اخواني علي نعمة الاسلام وكفي بها نعمة فأن الله يمن ويرضي علي من يشاء من عباده ويفضي عليهم من رحماته وان اشد الانحرافات هو انحراف الفكر والذهن عن منهاج رب العالمين فهذه هي الكارثة بحق وخسران الدنيا والاخرة
فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق .خالدين فيها مادامت السماوات والارض الا ما شاء ربك ان ربك فعال لما يريد
واما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها مادامت السماوات والارض الاما شاء ربك عطاء غير مجذوذ
اللهم اجعلنا ياربنا من الذين سعدوا
واجعلنا نماذج من المسلمين تربت على حقيقة الإسلام
وأعنا على أن نكون نموذجاً تطبيقياً واقعياً لهذه الحقيقة ، يراه الناس فيحبونه ويسعون إلى الإكثار منه وتوسيع رقعته في واقع الحياة

وهذا هو الذي ( ينفع الناس فيمكث في الأرض )
اللهم ارضي عنا وعن ابائنا وامهاتنا واصحاب الحقوق علينا
وعلي المسلمين والمسلمات وانفعنا بما علمتنا وارزقنا علما نافعا
وجزاكم الله خير
الفاتح الجعفري
خالد فتحي

الأحد، 6 أبريل 2008

العلمانية اين قامت ومبررات وجودها ؟




بسم الله والصلاة والسلام علي رسول الله




قال رسول الله صلي الله علية وسلم (لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشبرا وذراعا بذراع حتي اذا رؤيتموهم دخلوا جحر ضب دخلتم ورائهم قالوا :اليهود والنصاري يارسول الله قال:فمن غيرهم؟!)




تعرفنا في البوست السابق عن معني العلمانية ومصطلحاتها اللغوية ,وفي هذا البوست لابد لنا ان نعرف اين قامت العلمانية وفي اي مجتمع قامت ومبررات وجودها في هذا المجتمع




ظهرت العلمانية في الغرب المسيحي في اوربا ,ودعا اليها المفكرون الاحرار هناك ليتحرروا من سلطة الكنيسة الغربية وكهنوتها ورجالها وباباواتها




لماذا ارادوا التحرر؟



المبرر الاول




لان الكنيسة في العصور الوسطي او ماعرف بعصور الظلام في اوربا قد وقفت مع الخرافات ضد العقل ,ومع الجهالات الشائعة ضد العلم ,ومع القديم ضد الحديث ,ومع الجمود ضد التحرر ,ومع الثبات ضد التطور ومع الملوك ضد الشعوب ومع الاقطاعيين ضد الفلاحيين والمستضعفين




ولايمكن بحال من الاحوال ان ينسي التاريخ ماارتكبته الكنيسة من مجازر وحشية في حق العلماء المبدعيين,والمفكرين الاحرار ,اولئك الذين انتهوا في بحوثهم العلمية الي نتائج تخالف ماتواضع عليه رجال الكنيسة في الفيزياء والكيمياء وغيرهم من العلوم ,مما كان سائدا عن اليونانيين من قبل وتبنته الكنيسة واضافت عليه لونا من القداسة بحيث اصبح جزءا من الدين لايجوز لاحد مجرد التفكير في مخالفته او الخروج علي مسلماته.






يعني اللي يخالف الكنيسة وتعاليمها سواء علم ولا غيره يبقى يموت ونصيبه كان في المجزرة والتاريخ شاهد




علي حين كان المسلمون في ذلك الوقت تحديدا يتحدثون في كتبهم الدينية عن (كروية الارض) ببساطة ويسر ,كما راينا ابن حزم الاندلسي في كتابة (الفصل في الملل والنحل) يقيم الادلة العلمية علي كروية الارض ,وكذلك غيره من علماء المسلمين ...نجد الكنيسة تحاكم من يقول ذلك ,وتعتبر هذا القول كفرا وهرطقة ومروقا من الدين.




وياليتهم اعتبروا مروقا وكفرا وتركوه بل اقامت الكنيسة ماعرف في التاريخ(بمحاكم التفتيش) ومحاكم التفتيش هذه يااخواني بحق من ابشع انظمة التعذيب والقتل في تاريخ البشر بل ولعلها فاقت انظمة التعذيب في الاتحاد السوفيتي والنازية الالمانية ,لم يقيموها فقط ضد من يخالفهم في المذهب كالبروتوستانت مثلا ولكن ضد العلماء والمفكرين ايضا فقد ارتكبت بحق مآثم واهوال يشيب لها الولدان ,بل تخيلوا وصلوا الي درجه من الوحشية والهمجية الي حد محاكمة جثث العلماء بعد موتهم والحكم عليها بالاحراق




من قرأ هذا وعرف انظمة الحياة والحكم في اوربا في عصور الظلام اعطي الحق لعلمائهم ومفكريهم والتمس لهم العذر في فعل ذلك والمطالبة بفصل الدين عن الدولة بل والحياة عامة لانه يعني فصل ارهاب ووحشية الكنيسة التي كانت بحق سوط عذاب للناس والعلماء




لقد كانت الكنيسة تمثل الارهاب الديني والارهاب الفكري ,والارهاب السياسي ,لكل من يخطر في باله فكرة تخالف او لاتوافق عليها الكنيسة او لاتتماشي مع ثقافتها التي جعلتها دينا وماهي من الدين في شيء




لذا فكان من الخير لاهل اوربا بل وللبشر بشكل عام ان يتخلصوا من ظلم الكنيسة وجبروتها ,وان يخلعوا انيابها ,وذلك بتجريدها من السيطرة والهيمنة علي عقول الناس وضمائرهم وطموحاتهم باسم الدين




لهذا كانت الصيحات الشهيرة للجماهير في الثورات الشعبية التي اشتعلت في اوربا اشنقوا اخر ملك بأمعاء اخر قسيس




وهذا هو المبرر الاول لوجود وظهور النزعة العلمانية في الغرب




المبرر الثاني هو




التأثر الشديد جدا من قبل الغرب بالفلسفات المختلفة خاصة فلسفة (ارسطو) اشهر واعظم فيلسوف في العصور القديمة ,واكثرهم تأثيرا علي المدارس العقلية في العصور الوسطي في الغرب ,وحتي في بلاد المسلمين




وكانت فلسفة ارسطو- وهو من الفلاسفة الذين يقرون بالالوهية ووجود خالق لهذا الكون ,ولكنه كان يري ان الله او العلة الاولي او المحرك الاول :لايدبر في هذا العالم امرا ,ولايعلم فيه شيئا ولا مايلج في الارض ولامايخرج منها ولاماينزل من السماء او يعرج فيها,فهو غائب عن هذا العالم ومافيه من احداث ونوازل ولايحيى ولايميت ولايخلق ولايرزق ولاينفع ولايضر ولايعز ولايذل ,فهو اله عظيم في ذاته ,ولكن لاتأثير لهذه العظمة في شيء من الكون




ولهذا قال مؤرخ الفلسفة والحضارة (وول ديورانت) في كتابه مباهج الفلسفة - يالاله ارسطو من اله مسكين !انه اشبه بملك الانجليز ,يملك ولايحكم!



بمعنى ان الله موجود بس لا يحكم ولا يتصرف في ما ملكه تعالى الله عما يصففون




لذا لم يكن غريب علي العقلية الغربية ومفكرين وفلاسفة الغرب ان تعزل الله تعالي عن حكم خلقه اذ ليس من حقه ان يأمرهم وينهاهم (معاذ الله الملك الحق المعز المذل) او يحلل لهم اويحرم عليهم او يشرع لهم شئون حياتهم وعلاقاتهم ,فهم آلهة انفسهم ,وهذا ايضا من عجائب التناقض في العقلية الغربية في وقتها والي الان ,فهم امنوا ايمان لاشك فيها ان الانسان حيوان متطور! والانسان في الوقت ذاته اله!لايخضع لسلطان الرب الاعلي والخالق الاعظم سبحانه وتعالي عما يصفون




اما المبرر الثالث والذي يفرض نفسه بقوة هو منطق العقيدة المسيحية نفسها والتي يدين بها الغرب عموما,وان كان هناك افراد لايدينون بأي دين ولكن هذا من المبررات ايضا




وهذا المبرر هو ماجاء في نصوص العقيدة المسيحية نفسها من قبول شطر الانسان شطرين وقسمة الحياة قسمين!




نصف للدين يوجهه ويشرع له ونصف للدولة توجهه وتشرع له او بعبارة الانجيل ذاته :دع مالقيصر لقيصر ومالله لله!




اي نصف لله ونصف لقيصر وكل منهما يتصرف في نصفه تعالي الله عما يشركون




ومن مفهوم هذه الشراكه التي يدعونها ,ان الجانب الذي يخص الدنيا والحياة والمجتمع والسلطان والدولة فستكون طبعا في يد قيصر ,اما في معتقدهم ان الجانب الذي سيكون لله هو الدين وشؤون الروح !




وهذا هو منطق العلمانية بذاته"هو ان ندع شؤون الدين والروح لله وفهمه الغرب علي اساس ان الكنيسة التي تمثل سلطان الله في الارض ,تدبره بمعرفتها ,تنظم التعميد والصلوات والطقوس بما تراه ,وتعيين القسس وترقيهم في مراتب الكهنوت بما يحلو لهم ,فهذا كله من حقها ومن شأنها ان تتصرف فيه ,كما تشاء وكيف تشاء ,لامعقب عليها ولاراد لحكمها




اما شؤون السياسه والحكم والاقتصاد والتشريع والدستور ,وشؤون التربية والتعليم ,والثقافه والاعلام ,والحرب والسلم ,كل ذلك من شأن قيصر ودولتة ومن اختصاصه هو فقط ولاشريك له في ذلك ,لادخل للدين به




-------------




وهذا منطق مرفوض شكلا وموضوعا عندنا نحن المسلمين - بمقتضي عقيدتنا الاسلامية ,فالله جل جلاله هو مالك هذا الكون ,لاشريك له فيه ,له مافي السماوات وما في الارض ,وله من في السماوات ومن في الارض ,وله الحكم وحده في هذا الكون (ان الحكم الا لله) سواء كان هذا الحكم كونيا بمعني انه المتصرف في هذا الكون وفق سننه ,ام كان هذا الحكم امريا تشريعيا ,بمعني انه هو وحده الآمر الناهي المشرع لعباده المحلل لهم والمحرم عليهم ,فأن كان منطقهم ان :مالقيصر لقيصر ومالله لله فأن منطقنا نحن المسلمين :ان قيصر ومال لقيصر لله الواحد الاحد




(قل ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين.بذلك امرت وانا اول المسلمين )




ومن هنا كان رسول الله صلي الله عليه وسلم ,هو قائد الدين ورئيس الدولة معا ,هو الذي يؤمهم في الصلاة ويقودهم في الحروب ويفصل بينهم في الخصومة ويحكمهم في شؤونهم العامة




وكذلك كان خلفاؤه الراشدون :رجال دعوة ,ورجال دولة معا يفتون في امر الدين ويدبرون امر الدولة




وكذلك عرف فقهاء السياسة الشرعية في الاسلام (الخلافة) بأنها "نيابة عن رسول الله صلي الله عليه وسلم في اقامة الدين وسياسة الدنيا به.




اسف جدا للاطاله ولكن احببت فقط ان افصل

الأحد، 23 مارس 2008

مامعني العلمانية؟







مامعني العلمانية؟
بسم الله والصلاة والسلام علي رسول الله صلى الله عليه وسلم
وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [الأنعام : 153]
جولة جديدة مع العلمانية هنا في مدونتنا الي الهدي ائتنا نسأل الله ان يبصر المسلمين بحقيقتهم وخطورتهم ,وفساد منهجهم وتاريخهم الاسود مع المسلمين وقد رايناه واقعا عمليا لانخمن ولانتوقع وانما حدث منهم ماحدث خاصة في تركيا وتونس وقد راينا زيفهم ومكرهم .ولكن اخطر مايفعلونه هو حربهم علي الثوابت والمسلمات وخطتهم الخبيثة خطة تجفيف المنابع التي سنتعرض لها فيما بعد .


ولابد لنا اولا وقبل كل شيء ان نحدد مفهوم العلمانية قبل ان نحكم عليها ,وقد قيل ان الحكم علي الشيء فرع عن تصوره ولايجب ان نتكلم عن شيء ونحن لانعرف مفهومة ومصطلحة بغير تدقيق ويجب ان يعلم الناس مفهوم مصطلح العلمانية ولايجب ان تترك هذة المفاهيم هكذا هلامية دون معرفتها وفهمها الفهم الحقيقي


0تقول دائرة المعارف البريطانية مادة secularism وهي حركة اجتماعية ,تهدف الي صرف الناس وتوجيههم من الاهتمام بالاخرة الي الاهتمام بالدنيا وحدها ,وذلك انه كان لدي الناس في العصور الوسطي رغبة شديدة في العزوف عن الدنيا ,والتأمل في الله واليوم الاخر ,وفي مقاومة هذه الرغبة طفقت الsecularism تعرض نفسها ,من خلال تنمية النزعة الانسانية ,حيث بدا الناس يظهرون تعلقهم في الانجازات الثقافية والبشرية وبأمكانيتهم تحقيق حلمهم في هذه الدنيا


0ويقول قاموس "العالم الجديد"لوبستر شارحا للمادة نفسها ....


1/الروح الدنيوية ,او الاتجاهات الدنيوية ,ونحو ذلك علي الخصوص ..نظام من المباديء والتطبيقات practices يرفض اي شكل من اشكال الايمان والعبادة


02/الاعتقاد ان الدين والشئون الكنسية ,لادخل لها في شؤون الدولة وخاصة التربية العامة


0ويقول معجم اكسفورد شرحا لكلمة" secular ":1/دنيوي او مادي ,ليس دينيا ولاروحيا مثل التربية اللادينية ,الفن او الموسيقي اللادينية ,السلطة اللادينية ...وهكذ


ا02/الراي الذي يقول انه لاينبغي ان يكون الدين اساسا للاخلاق والتربيةويقول المعجم الدولي الثالث الجديد مادة secularism :اتجاه في الحياة او في اي شأن خاص ,يقوم علي مبدا ان الدين او الاعتبارات الدينية ,يجب الاتتدخل في الحكومة ,او استبعاد هذه الاعتبارات استبعادا مقصودا فهي تعني مثلا السياسة اللادينية البحتة في الحكومة


0وهي نظام اجتماعي في الاخلاق ,مؤسس علي فكرة وجوب قيام القيم السلوكية والخلقية ,علي اعتبارات الحياة المعاصرة والتضامن الاجتماعي ,دون النظر الي الدين


0ويقول المستشرق اربري في كتابة الدين في الشرق الاوسط "ان المادية العلمانية والانسانية والمذهب الطبيعي والوضعية ,كلها اشكال للادينية ,واللادينية صفة مميزة لاروبا وامريكا ,ومع ان مظاهرها موجوده في الشرق الاوسط الا انها لم تتخذ اي صيغة فلسفية او ادبية محددة والنموذج الرئيسي لها هو فصل الدين عن الدولة في الجمهورية التركية"وهذا يااخواني مايراه الغرب في العلمانية او التعريفات التي وضعها من اسس العلمانية وهم اهل الغرب تحديدا في اوربا حيث البذرة الاولي للعلمانية من هناك والخلاصة......ان العلمانية هي عزل الدين عن حياة الانسان بشكل فعلي وواقعي فردا كان او مجتمعا ,بحيث لايكون للدين سلطان في توجيهه او تثقيفه او تربيته او التشريع له ...وانما ينطلق في مسيرة الحياة بوحي عقله وغرائزه ودوافعه النفسية فحسب ,وبعبارة اخري تعني العلمانية عزل الله تعالي عن حكم خلقه ,فليس له عليهم سلطان كأنما هم آلهة انفسهم ,فهم يفعلون مايشاؤون ,ويحكمون بما يريدون ولايسألون عما يفعلون


ومن هنا تتناقض العلمانية تناقض جذريا مع الشريعة الاسلامية,لان مهمة الشريعة ان تخرج الانسان من اتباع الهوي البشري ,الي اتباع الهدي الالهي ,كما قال تعالي"انا جعلناك علي شريعة من الامر فاتبعها ولاتتبع اهواء الذين لايعلمون"وقال تعالي "فأن لم يستجيبوا لك فاعلم انما يتبعون اهواءهم ومن اضل ممن اتبع هواه بغير هدي من الله ان الله لايهدي القوم الظالمين"يؤكد هذا التناقض ..


ان الشريعة منهج شامل لحياة الانسان كلها فردية واجتماعية وروحية ومادية ,ودينية وسياسية وثقافية واقتصادية ,ومحلية ودولية .وهي كما قال الفقهاء حاكمة علي جميع افعال المكلفين ,والعلمانية كذلك تريد ان توجه الحياة كلها من خلال فلسفتها المقطوعة عن السماء ,فلابد من الصدام فلابد من الصدام فلابد من الصدام حتي لايأتي احد العلمانيين ويقول ملناش دعوة بالاسلام العلمانية حاجه والاسلام حاجة ولايصطدموا ببعض ,


ااقوله طيب ازاي والعلمانية تريد ان تحيد الاسلام ولاتريد ان يحكم ويقود ويتحكم فأين اذا عدم الاحتكاك او الاصطدام هل مثلا لاتحتك به في الشريعه واقامة الحدود وتحكيم القرآن والسنة في شتي الامور ,ولعلها لاتحتك به في عقيدة الولاء والبراء ,ولعلها ايضا لاتحتك به في العبادات كالحجاب والنقاب ,انها تناقد الاسلام في الشعب الرئيسيه الاربعة العقيدة والعبادات والاخلاق او المعاملات والتشريعات,هذا تعريف عن معني العلمانية ومفهومها ,وسنتناولها بأذن الله بالتفصيل وبشكل واسع ونعرض افكارهم وشبهاتهم والرد عليهم ان شاء الله ارجوا ان تتابعوا معنا وجزاكم الله كل خير.فستذكرون مااقول لكم وافوض امري الي الله ان الله بصير بالعباد